المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نكره الهلال ؟؟


دمي أصفر
11-06-2010, 03:31 PM
كنتُ أنتظر هدوء عاصفة الخروج الأزرق ـ المعتاد ـ من الآسيوية ، لأكتب عن الوطنية والولاء والبراء التي جردها بنو الأزرق من معانيها الحقيقة وحشروها في كل ماهو أزرق ، وقد اعتقدت ـ وغيري كثير ـ لكثرة ما تحدثت عنه وسائل إعلام سُخرت بكامل طواقمها لإخبارنا معاشر الضالين أن طريق الجنة يبدأ من العريجا حيث نادي الهلال ، أنه سيأتي على الناس يوم يسمعون خطيب الجمعة وهو يتحدث عن فضائل تشجيع الهلال ، وأنها من علامات حسن إسلام المرء !
هل تعتقدون أني أبالغ ؟
ألم يقل قائلهم : من لم يعترف بلقب القرن فقد باع دينه بدنياه ؟!

الإثارة الرياضية مطلوبة وجميلة ، والتنافس الرياضي في الملعب وخارجه أمر له لذته وجماله ، ومن حق كل أحد أن يحب ، وأن يميل وأن يتعاطف مع ناديه ، أن يدعمه ، ويشجعه ، وأن يستمتع في انتصاراته وأن يستمتع حتى في لذة الحزن على خسارته !
كل هذا جميل ويعطي للتنافس الرياضي معنى ، لكن القبيح وغير الجميل هو إلغاء الآخر ، ومحاولة تشويهه ، وما يحدث للأسف لدينا وبمباركة وتشجيع ودعم من اللوبي الأزرق في الصحافة الرياضية هو أننا نكره فقط ، نتمنى خسارة الفريق المنافس ونفرح بها أكثر من فرحتنا لفوز يحققه فريقنا ا لذي نرفع شالاته وأعلامه !

وصل الإعلام الأزرق إلى مرحلة الهوس ، فالتجريد من الوطنية أمر يملك الحكم فيه كاتب صحفي لا يجيد كتابة جملة مفيدة ، ولم يسبق أن فعل في حياته أمر مفيد ، ـ اللهم إن قلنا أنه انتقل من ساحات "التفحيط" بسيارة مستأجرة بعد المباريات التي يفوز فيها فريقه إلى "التفحيط" على صفحات الجرائد ، يعتبر أمراً مفيداً لأنه أراح مرتادي الشوارع من شره ـ ، والتكفير ولإخراج من الملة كلمات تقال ببساطة على سبيل التفذلك الغبي !
ماذا ننتظر بعد هذا ؟
أنا لن أتفاجأ كثيراً إن رأيت مقالاً في صحيفة الجزيرة أو مذيعاً في القناة الرياضية السعودية يتحدث عن ضرورة سن قانون " معاداة الهلال " على غرار قانون " معاداة السامية " ، لكي يتم من خلاله تجريم كل من تسول له نفسه بانتقاد كل ما يتعلق بالهلال !
يوقف الكتاب وتطرد القنوات وتتغير الجداول وترتفع الأصوات لأن أحدهم سولت له نفسه الأمارة بالسوء أن يصرح أنه لا يميل إلى الهلال !

حين تقرأ الصحف وتقرأ مقالات بعض الكتاب من بني الأزرق يخيل إليك أن النصراويين أو الاتحاديين أو غيرهم هو الأعداء الذين يتربصون بنا خارج أسوار المدينة ، أو أنهم مخلوقات فضائية لا تتشارك مع الجميع هذا الوطن وهذه الأرض ..
تنسى لوهلة أن هذا النصراوي الذي يسخر منه هو زميلك أو أخوك أو جارك أو صديقك المقرب ، وكذلك الهلالي والاتحادي والأهلاوي والاتفاقي والشبابي ـ إن وجد ؛) ـ !
حين تقرأ تنسى لوهلة أن العائلة الواحدة قد يكون فيها الهلالي والنصراوي والاتحادي والاتفاقي ، لأن الإعلام الأزرق صور لك أن هؤلاء أضداد لا يمكن أن يلتقوا أو يجتمعوا في مكان واحد !
السؤال الذي وجهه مذيع القناة الرياضية الفلتة لرئيس الهلال أثناء البرنامج الاستعراضي لمسلسل الاستقالة عن اتصاله بالكاتب محمد الدويش كان سخيفاً وممعنا في الغباء ولكنه غير مستغرب !
لو قدر لأحدهم أن يشاهد البرنامج بالصدفة وهو لا يعرف الدويش لخيل إليه من طريقة السؤال أن المذيع يتهم رئيس النادي بالتعامل مع الموساد ، أو أن هذا الدويش هو القائد العام لقوات العدو !
السؤال الذي قد يطرحه أي هلالي ـ وهو سؤال وجيه على غير المعتاد ـ هو : وهل لا يوجد كتاب متعصبون لأندية أخرى ؟
والإجابة هي نعم يوجد ، ولكنهم ليسوا أكثر من ردات فعل ولا يكتبون وفق أجندات معدة سلفاً وبطريقة مخططة ولها أهدافها المعلنة وأهدافها الخفية ..
أحياناً كثيرة نجد أكثر من كاتب وناقد وصحفي أزرق يتكلمون عن ذات الموضوع وبذات الطريقة ، يخيل إلي في بعض الأيام أن المقالات الزرقاء تشبه إلى حد كبير مواضيع التعبير في المدارس ..!
كأن مدرساً ما قال لهم أكتبوا في حدود عشرين سطراً تشتمون فيها فلاناً !
هاجموا الحكم الفلاني ، عليكم باللجنة الفلانية ، أسعوا لإيقاف اللاعب الفلاني ، .. إلى آخر مواضيع التعبير تلك !

ولنعرف الفرق بين الصحافة الهلالية المتعصبة وغيرها ، دعونا نتخيل فقط لمجرد الخيال ليس إلا أن رئيس نادي الاتحاد أو النصر قال يوماً في لحظة غضب : لدي قائمة بأسماء حكام تعاونوا معنا وساعدونا !
فقط تخيلوا أن هذا حدث ثم تخيلوا ماذا سيكتب بعد ذلك !
حين نزل رئيس النادي الأهلي أو رئيس نادي النصر إلى أرض الملعب وتوجهوا إلى حكم المباراة ـ في تصرف مرفوض ـ قامت الدنيا ولم تقعد ، ونثر الكثير من الحبر عن هذين التصرفين وعن أنهما سبب نكبة الأمة وتدهور الرياضة في كوكب الأرض ، وأنه لابد من إنزال عقوبة ما بهما حتى وإن اعتذار ..
لا أحد يعلم ماذا قالا ، قد يكون كلاماً سيئاً وقد لا يكون أبعد من عبارات من عينة : لقد ظلمتنا !
لكن حين يصرح رئيس ناد أكثر من مرة عن أمين الاتحاد السعودي لكرة القدم ويطلق عليه لقب : الأمين غير الأمين ، فإن هذا أمر عادي ويحدث في " أحسن العائلات "!

كنت أتحدث مع أحد الأعزاء الهلالين أثناء " الحملة الوطنية لدعم الهلال " في البطولة الأسيوية ، وقلت له ما علاقة الوطنية بتشجيع الهلال ، فقال إنه يمثل الوطن ، قلت ولكني جزء من هذا الوطن ولا أعتقد أنه يمثلني ، وهي مجرد مشاعر وأنا حر فيها ، لن تضركم في شيء ..
لكن أيها الهلالي العزيز في الشباب لاعب كوري ولعب ضد فريق كوري ، هل تعتقد أنه خائن ؟ ماذا لو كان ياسر القحطاني مثلاً محترفاً في فريق ياباني ولعب مع الهلال وسجل فيه وأخرجه من البطولة ، هل يحق لنا أن نقول أنه غير وطني ؟!
قال لي بثقة هذا احتراف وهذا موضوع آخر ؟
قلت له وماذا يعني الاحتراف ؟ هل يعني أنه أصبح يتقاضى مبالغ مادية نظير عمله ؟
أجابني بأن هذا أهم مافي الاحتراف !
ففهمت أنه يحق لك في حال كنت تتقاضى مرتباً أن تسجل أهدافاً وتخرج الفريق القادم من وطنك من أي بطولة دون أن ينتقدك أحد ، لكنه ليس من حقك كمشجع لا يتقاضى أية رواتب وأموال أن تتمنى مجرد أمنية أن يخسر هذا الفريق !!
وهذا منطق أعوج وأهبل ولا يخلوا من العبط !
والحديث ذو شجون ، وقد ـ أكمل هذه السوالف في مقال آخر .. وقد لا أفعل !
دمتم في ود !



عبدالله القرني
كاتب رياضي في صحيفة سبورت السعودية