نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء - عرض مشاركة واحدة - همسَاتً إيمانيَه | متجدده بإذن الله ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-11-2014, 12:55 PM   #13
رووح هادئة
وفـي فضـــي


الصورة الرمزية رووح هادئة
رووح هادئة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7259
 تاريخ التسجيل :  Nov 2012
 أخر زيارة : 09-24-2019 (11:45 AM)
 المشاركات : 682 [ + ]
 التقييم :  1998
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: همسَاتً إيمانيَه | متجدده بإذن الله ..



عن أنس بن مالك قال :
" أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال : " أقيموا صفوفكم و تراصوا , فإني أراكم من وراء ظهري "


وفي رواية

" أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال :
" أقيموا صفوفكم ثلاثا , والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم "
قال : " فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و ركبته بركبة صاحبه , و كعبه
بكعبه " .




فقه الحديث :

-------


و في هذين الحديثين فوائد هامة :


الأولى : وجوب إقامة الصفوف و تسويتها و التراص فيها , للأمر بذلك , و الأصل
فيه الوجوب إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , و القرينة هنا تؤكد الوجوب و هو قوله صلى الله عليه وسلم : " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " . فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى .


الثانية : أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , و حافة القدم
بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف و لهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث الأول من قول أنس : " و أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , و بهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف و تسويته " .

و من المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها إلا
القليل منهم , فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في مكة سنة ( 1368 ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة و السلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة - فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا , بل إنهم تتابعوا على هجرها و الإعراض عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين
بقدر أربع أصابع , فإن زاد كره , كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة
" ( 1 / 207 ) , و التقدير المذكور لا أصل له في السنة , و إنما هو مجرد رأي , و لو صح لوجب تقييده بالإمام و المنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة , كما تقتضيه القواعد الأصولية .

و خلاصة القول : إنني أهيب بالمسلمين - و خاصة أئمة المساجد - الحريصين على
اتباعه صلى الله عليه وسلم و اكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن يعملوا بهذه السنة و يحرصوا عليها , و يدعوا الناس , إليها حتى يجتمعوا عليها جميعا . و بذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " .


الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم , و هي رؤيته
صلى الله عليه وسلم من ورائه , و لكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى الله عليه وسلم في الصلاة , إذ لم يرد في شيء من السنة , أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضا . و الله أعلم .


الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , و إن كان
صار معروفا في علم النفس , و هو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , و العكس بالعكس , و في هذا المعنى أحاديث كثيرة , لعلنا نتعرض لجمعها و تخريجها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالي .


الخامسة : أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن " قد قامت الصلاة "
بدعة , لمخالفتها للسنة الصحيحة كما يدل على ذلك هذان الحديثان , لاسيما الأول منهما , فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجبا ينبغي عليه القيام به , و هو أمر الناس بالتسوية مذكرا لهم بها , فإنه مسؤول عنهم : " كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته ... " .



المجلد الأول من السلسلة الصحيحة



 

رد مع اقتباس