نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء - عرض مشاركة واحدة - منــــــــــــازلُ رمضان
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-26-2017, 10:18 PM
دانة
عضــو VIP
دانة غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 7220
 تاريخ التسجيل : Oct 2012
 فترة الأقامة : 4205 يوم
 أخر زيارة : 12-08-2018 (11:01 AM)
 المشاركات : 2,839 [ + ]
 التقييم : 8884
 معدل التقييم : دانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond reputeدانة has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي منــــــــــــازلُ رمضان



.
.
منازلُ رمضان

رمضان ضيف العام، ينزل على المسلمين أيامًا معدودة، فيختلف الناس في استقباله، ويتفاوتون في العيش معه أيام حلوله إلى وقت ارتحاله، فهو ضيف ينزل منازل شتى، فمن المنازل: منازل تظل مترقبة بحبٍّ وصولَه، وتعد الشهور والأيام والليالي شوقًا لاستقباله، فقد برح بها الانتظار، وكادت أن تذوب شوقًا؛ حرصًا على لقاء حبيب منتظر، ألفت في نزوله الراحةَ والسعادة تحت دوحة الطاعة الظليلة، حينما قضت حقَّ قِراه، وقامت بواجب الضيافة ومستحبه، فلسان حالها ومقالها لرمضان:
فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومرحبًا ♦♦♦ فهذا مبيتٌ صالح وصديق.

فهذه المنازل الكريمة تملك قلوبًا حية، وأرواحًا مشرقة، فرأت في نزول رمضان عليها غنيمة باردة، تتزود منها مغانم ليوم المغارم، وسحابة هتانة تهمي عليها بوابل من الطاعات، إلى ما لديها من طاعات فتكون: ﴿ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 265]؛ فلهذا تحيا منازلها مع هذا الضيف الكريم حياة طيبة، تغمرها البسمة واللذة، فإذا دنت ساعاتُ الرحيل رسمت ذكراها على القلوب الألم، وعلى الوجوه الحزن، وربما أرسلت على الخدود دموع الولَهِ، والحال كما قال ابن المعذل:
إن السرور تصرّمتْ أيامُه
منِّي وفارقني الحبيب المؤنسُ
حالانِ لا أنفك من إحداهما
مستعبراً أو باكيًا أتنفس
ولمثله بكت العيون صبابةً
ولمثله حزنتْ عليه الأنفس
ومن منازل رمضان: منازل قوم يستعدون لاستقبال ضيف العام بإعداد قائمة طويلة من مطعومات رمضان ومشروباته، فإذا اقترب الوعد الحق خرجوا إلى الأسواق، فآبوا بالأسواق إلى بيوتهم، فحملوا من الطعام والشراب ما اتفق واختلف في اللون والطعم والحجم، فمن أصنافه: صنوفٌ بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ما إنّ جملة ذلك لتنوء بالعصبة أولي القوة، كأن رمضان هبط وحشًا كاسراً أُجيعَ سنة كاملة فجاء إليهم يذيب الشحم، ويأكل اللحم، وينقي العظم، فإذا نزل بهم مدّوا الموائد، وأوسعوا البطون، وأتعبوا النساء في المطابخ، وعانى عمّال النظافة بقايا أخوِنة طعامهم وشرابهم؛ ولهذا يفرح تجار الأغذية بدخول رمضان فرحًا شديداً، لا بفضائله ونوائله، ولكن لأرباحهم المالية فيه؛ بسبب هذا الصنف من الناس.

فأهل هذه المنازل يعدون رمضان للأجساد لا للأرواح، وللبطون لا للقلوب؛ ولهذا يُرَون بِطاءً في مسالك القربات، سِراعًا إلى طرق اللهو والملذات، فيثقل عليهم الصيام، وتطول عليهم الأيام، ويخرج رمضان ضيفًا ثقيلاً، ونازلاً مكروهًا، وراحلاً محبوب الرحيل، فكان الحال:
ولما قضينا بالغِذا كلَّ حاجةٍ
وأوسعَ في الإسراف من هو آكلُ
فَتَرْنا عن الطاعات وامتدّ شهرنا
وفاتت ذوي التبذيرَ تلك الفضائلُ

ومن منازل رمضان: منازل قوم لا يأذنون لرمضان بدخولها، ولا يقبلون بنزوله عليهم؛ فهم ليسوا من أهل الطاعة، بل هم من هواة الخطيئة؛ ولذلك يفطرون رمضان معلنين بين الناس، أو غير معلنين، فرمضان عندهم كشعبان وشوال، فيمضي عنهم الشهر الكريم شاكيًا إلى ربه ما لقي من لؤمهم وتعديهم، أفلا يظن هؤلاء أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، فماذا سيقولون لله تعالى إذا قابلوه ولم يكرموا ضيفه، وقد جاءهم ليكرمهم؟!، وما موقفهم يوم القيامة وهم يرون كرمَ العطاء لمن نزل عليهم رمضان فأكرموه؟

قال الأَصمعي: أَنشَدَني رجل من أهل البصرة:
فما لَك يوم الحشر شيءٌ سوى الذي
تزوّدته قبل الحساب إلى الحشر
إذا أنتَ لم تزرع وأبصرت حاصداً
ندمتَ على التضييع في زمن البذر







 توقيع : دانة

[COLOR=green]اذا COLOR]











رد مع اقتباس