نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء - عرض مشاركة واحدة - اقرأ التاريخ إذ فيه العبر
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2018, 10:36 PM   #45
الصاعقه
عضو ملكي


الصورة الرمزية الصاعقه
الصاعقه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27606
 تاريخ التسجيل :  Apr 2014
 أخر زيارة : يوم أمس (11:29 PM)
 المشاركات : 98,562 [ + ]
 التقييم :  20634
لوني المفضل : Orange
افتراضي



7 - الفوائد الشعرية والأدبية والأمثال



1 - أبو الحسن علي بن سليمان البغدادي النحوي وهو الأخفش الصغير روى عن ثعلب والمبرد قال ابن خلكان روى عن المبرد وثعلب عنه وغيرهما وروى عن المرزباني وأبو الفرج المعافى وغيرهما وهو غير الأخفش الأكبر والأخفش الأوسط وكان بين ابن الرومي وبين الأخفش المذكور منافسة وكان الأخفش يبادر داره ويقول عند بابه كلاما يتأذى به وكان ابن الرومي كثير التطير فإذا سمع كلامه لا يخرج ذلك اليوم من بيته فكثر ذلك منه فهجاه ابن الرومي بأهاج كثيرة وهي مثبتة في ديوانه وكان الأخفش يحفظها ويوردها استحسانا لها في جملة ما يورده وافتخارا أنه نوه بذكره إذ هجاه فلما علم ابن الرومي ذلك أقصر عنه وقال المرزباني لم يكن الأخفش المذكور بالمتسع في الرواية للأخبار والعلم بالنحو وما علمته صنف شيئا البتة ولا قال شعرا وكان إذا سئل عن مسئلة في النحو ضجر وانتهر من يسأله ومات فجأة ببغداد ودفن بمقبرة قنطرة بردان والأخفش هو صغير العين مع سوء بصرها. ( 315 )
2 - نصر بن أحمد البصري الشاعر وكان أميا وله الأشعار الفائقة منها
خليلي هل أبصرتما أو سمعتما @@@ بأحسن من مولى تمشي إلى عبد
أتى زائرا من غير وعد وقال لي @@@ أجلك عن تعليق قلبك بالوعد
فما زال نجم الوصل بيني وبينه @@@ يدور بأفلاك السعادة والسعد ( 317 )
3 - أبو بكر الحسن بن علي بن بشار بن العلاف البغدادي المقرئ صاحب الدوري وكان أديبا طريفا نديما للمعتضد ثم شاخ وعمي قال ابن خلكان كان من الشعراء المجيدين وحدث عن أبي عمرو الدوري المقرئ وحميد بن سعيد البصري وغيرهما
وكان لأبي بكر المذكور هر يأنس به وكان يدخل أبراج الحمام التي لجيرانه ويأكل أفراخها وكثر ذلك منه فأمسكه أربابها وذبحوه فرثاه بهذه القصيدة وقد قيل إنه رثي بها عبد الله بن المعتز وخشى من الإمام المقتدر أن يتظاهر بها لأنه هو الذي قتله فنسبها إلى الهر وعرض به في أبيات منها وكانت بينهما صحبة أكيدة وذكر صاعد اللغوي في كتاب الفصوص قال حدثني أبو الحسن المرزباني قال هويت جارية لعلي بن عيسى غلاما لأبي بكر بن العلاف الضرير ففطن بهما فقتلا جميعا وسلخا وحشى جلودهما تبنا فقال أبو بكر مولاه هذه القصيدة يرثيه وكنى عنه بالهر وهي من أحسن الشعر وأبدعه وعددها خمسة وستون بيتا وطولها يمنع من الإتيان بجميعهافنأتي بمحاسنها وفيها أبيات مشتملة على حكم فنأتي بها وأولها
يا هر فارقتنا ولم تعد @@@ وكنت عندي بمنزل الولد
فكيف ننفك عن هواك وقد @@@ صرت لنا عدة من العدد
تطرد عنا الأذى وتحرسنا @@@ بالغيب من حية ومن جرد
وتخرج الفأر من مكامنها @@@ ما بين مفتوحها إلى السدد
يلقاك في البيت منهم مدد @@@ وأنت تلقاهم بلا مدد
لا عدد كان منك منفلتا @@@ منهم ولا واحد من العدد
وكان يجري ولا سداد لهم @@@ أمرك في بيتنا على السدد
حتى اعتقدت الأذى لجيرتنا @@@ ولم تكن للأذى بمعتقد
وحمت حول الردى بظلمهم @@@ ومن يحم حول حوضه يرد
وكان قلبي عليك مرتعدا @@@ وأنت تنساب غير مرتعد
تدخل برج الحمام متئدا @@@ وتبلغ الفرخ غير متئد
أطعمك الغي لحمها فرأى @@@ قتلك أصحابها من الرشد
حتى إذا داوموك واجتهدوا @@@ وساعد النصر كيد مجتهد
صادوك غيظا عليك وانتقموا @@@ منك وزادوا ومن يصد يصد
ثم شفوا بالحديد أنفسهم @@@ منك ولم يرعووا إلى أحد
فلم تزل للحمام مرتصدا @@@ حتى سقيت الحمام بالرصد
لم يرحموا صوتك الضعيف كما @@@ لم ترث منها لصوتها الغرد
وكنت بددت شملهم زمنا @@@ فاجتمعوا بعد ذلك البدد
كأن حبلا حوى بجودته @@@ جيدك للخنق كان من مسد
كأن عيني تراك مضطربا @@@ فيه وفي فيك رغوة الزبد
وقد طلبت الخلاص منه فلم @@@ تقدر على حيلة ولم تجد
فجدت بالنفس والبخيل بها @@@ أنت ومن لم يجد بها تجد
فما سمعنا بمثل موتك إذ @@@ مت ولا مثل غيشك النكد
عشت حريصا يقوده طمع @@@ ومت ذا قاتل بلا قود
فلم تخف وثبة الزمان كما @@@ وثبت في البرج وثبة الأسد
عاقبة الظلم لا تنام وإن @@@ تأخرت مدة من المدد
أردت أن تأكل الفراخ ولا @@@ يأكلك الدهر أكل مضطهد
هذا بعيد من القياس وما @@@ أعزه في الدنو والبعد
لا بارك الله في الطعام إذا @@@ كان هلاك النفوس في المعد
كم دخلت لقمة حشا شرهٍ @@@ فأخرجت روحه من الجسد
ما كان أغناك عن تصعد البرج @@@ ولو كان جنة الخلد
قد كنت في نعمة وفي دعة @@@ من العزيز المهيمن الصمد
تأكل من فأر بيتنا رغدا @@@ وأين بالشاكرين للرغد ( 318 )
4 - أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي البصري اللغوي العلامة صاحب التصانيف أخذ عن الرياشي وأبى حاتم السجستاني وابن أخي الأصمعي وعاش ثمانيا وتسعين سنة قال أحمد بن يوسف الأزرق ما رأيت احفظ من ابن دريد ما رأيته قرى ء عليه ديوان إلا وهو يسابق في قراءته وقال الدارقطني تكلموا فيه وقال ابن خلكان إمام عصره في اللغة والآداب والشعر الفائق قال المسعودي في كتاب مروج الذهب في حقه كان ابن دريد ببغداد ممن برع في زماننا هذا في الشعر وانتهى في اللغة لم يوجد مثله في فهم كتب المتقدمين وقام مقام الخليل بن أحمد فيها وكان يذهب بالشعر كل مذهب فطورا يجزل وطورا يرق وشعره أكثر من أن نحصيه
وكان من تقدم من العلماء يقول إن ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء ومن مليح شعره قوله
عزراء لو جلت الخدور شعاعها @@@ للشمس عند شروقها لم تشرق
غصن على دعص تأود فوقه @@@ قمر تألق تحت ليل مطبق
لو قيل للحسن احتكم لم يعدها @@@ أو قيل خاطب غيرها لم ينطق
فكأننا من فرعها في مغرب @@@ وكأننا من وجهها في مشرق
كانت فيهتف بالعيون ضياؤها @@@ الويل حل بمقلة لم تطبق
وكانت ولادته بالبصرة في سكة صالح سنة ثلاث وعشرين ومائتين ونشأ بها وتعلم فيها وسكن عمان وأقام بها ثنتي عشرة سنة ثم عاد إلى البصرة وسكنها زمانا ثم خرج إلى نواحي فارس وصحب ابني ميكال وكانا يومئذ على عمالة فارس وعمل لهما كتاب الجمهرة وقلداه ديوان فارس فكانت تصدر كتب فارس عن رأيه ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه فأفاد معهما اموالا عظيمة وكان لا يمسك درهما سخاء وكرما ومدحهما بقصيدته المقصورة فوصلاه بعشرة آلاف درهم ثم انتقل إلى بغداد وعرف الإمام المقتدر بالله خبره ومكانه بالعلم فأمر أن يجري عليه خمسون دينارا في كل شهر ولم تزل جارية عليه إلى حين وفاته وكان واسع الرواية لم ير أحفظ منه وسئل عنه الدارقطني أثفة هو أم لا فقال تكلموا فيه وقيل إنه كان يتسامح في الرواية فيسند إلى كل واحد ما يخطر له وقال أبو منصور الأزهري البغوي دخلت عليه فرأيته سكران فلم أعد إليه وقال ابن شاهين كنا ندخل عليه فنستحي من العيدان المعلقة والشراب المصفى وذكر أن سائلا سأله شيئا فلم يكن عنده غيردن من نبيذ فوهبه له فأنكر عليه أحد غلمانه وقال تتصدق بالنبيذ فقال لم يكن عندي شيء سواه ثم أهدى له بعد ذلك عشر دنان من النبيذ فقال لغلامه أخرجنا دنا فجاءنا عشرة وينسب إليه من هذه الأمور شيء كثير وعرض له فالج فسقى التريان فشفى ثم عاوده الفالج بعد حول لغداء ضار تناوله فبطل من محزمه إلى قديمة وكان مع هذا الحال ثابت العقل صحيح الذهن يرد فيما يسأل ردا صحيحاً
وتوفي يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان ودريد بضم الدال المهملة وفتح الراء وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة وهو تصغير ادرد والادرد الذي ليس فيه سن وهو تصغير ترخيم لحذف الهمزة من أوله كما تقول في تصغير أسود سويد وأزهر زهير ( 321 )
5 - أبو علي محمد بن علي بن حسن بن مقلة الكاتب صاحب الخط المنسوب وقد وزر للخلفاء غير مرة ثم قطع يده ولسانه وسجن حتى هلك وله ستون سنة
ورثى يده فمن ذلك قوله
ما سئمت الحياة لكن توثقت @@@ بأيمانهم فبانت يمينى
بعت ديني لهم بدنياي حتى @@@ حرموني دنياهم بعد ديني
ولقد حطت ما أستطعت بجهدي @@@ حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذة عيش @@@ ياحياتي بانت يميني فبيني
ومن شعره أيضا
وإذا رأيت فتى بأعلى رتبة @@@ في شامخ من عزه المترفع
قالت لي النفس العروف بقدرها@@@ ما كان أولاني بهذا الموضع
وله
إذا مامات بعضك فابك بعضا @@@ فإن البعض من بعض قريب
وهو أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين إلى هذه الصورة
ومن كلامه إنى إذا أحببت تهالكت وإذا بغضت أهلكت وإذا رضيت آثرت وإذا غضبت أثرت ومن كلامه يعجبني من يقول الشعر تأدبا لا تكسبا ويتعاطى الغناء تطربا لا تطلبا وله كل معنى مليح في النظم والنثر وكان ما أصابه نتيجة دعاء أبي الحسن بن شنبوذ عليه بقطع اليد وقد تقدم ذكر سبب ذلك ( 328 )
6 - أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي وقرطبة مدينة كبيرة دار مملكة الأندلس وكان ابن عبد ربه أحد الفضلاء وهو أموي بالولاء وحوى كتابه العقد كل شيء وله ديوان وشعر جيد مات وله اثنتان وثمانون سنة وشعره في الذروة العليا سمع من بقى بن مخلد ومحمد بن وضاح ( 328 )
7 - قال أبو العباس السياري القاسم بن القاسم بن مهدي
صبرت على اللذات لما تولت @@@ وألزمت نفسي صبرها فاستمرت
وكانت على الأيام نفسي عزيزة @@@ فلما رأت عزمي على الذل ذلت
فقلت لها يا نفس موتي كريمة @@@ فقد كانت الدنيا لنا ثم ولت
خليلي لا والله ما من مصيبة @@@ تمر على الأيام إلا تجلت
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى @@@ فإن أطعمت تاقت وإلا تسلت ( 342 )
8- أبو محمد الخطبي إسماعيل بن علي بن إسماعيل البغدادي الأديب الإخباري صاحب التصانيف روي عن الحارث بن أبي أسامة وطائفة وكان يرتجل الخطب ولا يتقدمه فيها أحد فلذا نسب إليها ( 350 )
9 - فاتك المجنون أبو شجاع الرومي الإخشيدي قال ابن خلكان كان روميا أخذ صغيرا هو وأخوه وأخت لهما من بلد الروم من موضع قرب حصن يعرف بذي الكلاع فتعلم الخط بفلسطين وهو ممن أخذه الإخشيد من سيده كرها بالرملة بلا ثمن فأعتقه صاحبه وكان معهم حرا في عدة المماليك وكان كريم النفس بعيد الهمة شجاعا كثير الإقدام ولذلك قيل له المجنون وكان رفيق الأستاذ كافور في خدمة الإخشيد فلما مات مخدومهما وتقرر كافور في خدمة ابن الإخشيد أنف فاتك من الإقامة بمصر كيلا يكون كافور أعلى رتبة منه ويحتاج أن يركب في خدمته وكانت الفيوم وأعمالها أقطاعا له فانتقل إليها واتخذها سكنا له وهي بلاد وبيئة كثيرة الوخم فلم يصح له بها جسم وكان كافور يخافه ويكرمه وفي نفسه منه ما فيها فاستحكمت العلة في جسم فاتك وأحوجته إلى دخول مصر للمعالجة فدخلها وبها أبو الطيب المتنبي ضيفا للأستاذ كافور وكان يسمع بكرم فاتك وكثرة سخائه غير أنه لا يقدر على قصد خدمته خوفا من كافور وفاتك يسأل عنه ويراسله بالسلام ثم التقيا بالصحراء مصادفة من غير ميعاد وجرى بينهما مفاوضات فلما رجع فاتك إلى داره حمل لأبي الطيب في ساعته هدية قيمتها ألف دينار ثم أتبعها بهدايا بعدها فاستأذن المتنبى الاستاذ كافور في مدحه فأذن له فمدحه بقصيدته المشهورة وهي من غرر القصائد التي أولها
لا خيل عندك تهديها ولا مال @@@ فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
وما أحسن قوله فيها
كفاتكٍ ودخول الكاف منقصة @@@ كالشمس ولت وما للشمس أمثال
ثم توفي فاتك المذكور عشية الأحد لأحدى عشرة ليلة خلت من شوال سنة خمسين وثلثمائة بمصر فرثاه المتنبي وكان قد خرج من مصر بقصيدته التي أولها
الحزن يقلق والتجمل يردع @@@ والدمع بينهما عصى طيع
وما أرق قوله فيها
إني لأجبن من فراق أحبتي @@@وتحس نفسي بالحمام فأشجع
ويزيدني غضب الأعادي قسوة @@@ ويلم بي عتب الصديق فأجزع
تصفو الحياة لجاهل أو غافل @@@ عما مضى منها وما يتوقع
ولمن يغالط في الحقيقة نفسه @@@ ويسومها طلب المحال فتطمع
أين الذي الهرمان من بنيانه @@@ ما قومه ما يومه ما المصرع
تتخلف الآثار عن أصحابها @@@ حينا ويدركها الفناء فتتبع
وهي من المراثي الفائقة وله فيه غيرها ( 350 )
10 - أبو محمد الحسن بن محمد الأزدي من ذرية المهلب بن أبي صفرة وزير معز الدولة بن بويه قال ابن خلكان كان الوزير المهلبي قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة والضائقة وكان قد سافر مرة ولقي في سفره مشقة صعبة واشتهى اللحم فلم يقدر عليه فقال ارتجالا
ألا موت يباع فأشتريه @@@ فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي @@@ يخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد @@@ وددت بأنني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حر @@@ تصدق بالوفاة على أخيه
وكان معه رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي وقيل أبو الحسن العسقلاني فلما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما وطبخه وأطعمه وتفارقا وتنقلت بالمهلبي الأحوال وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة وضاقت الأحوال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم وبلغه وزارة المهلبي فقصده وكتب إليه
ألا قل لوزير فدته نفسي @@@ مقالة مذكر ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضنك عيش @@@ ألا موت يباع فأشتريه
فلما وقف عليها تذكر وهزته أريحية الكرم فأمر له في الحال بسبعمائة درهم ووقع في رقعته ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ) ثم دعا به فخلع عليه وقلده عملا يرتفق به ولما ولي المهلبي الوزارة بعد تلك الإضافة عمل
رق الزمان لفاقتي @@@ ورثى لطول تحرقي
فأنالني ما أرتجيه @@@ وحاد عما أتقي
فلأصفحن عما أتاه @@@ من الذنوب السُبق
حتى جنايته بما @@@ فعل المشيب بمفرقي
وكان لمعز الدولة مملوك تركي في غاية الجمال يدعى تكين الجامدار وكان شديد المحبة له فبعث سرية لمحاربة بعض بني حمدان وجعل المملوك المذكور مقدم الجيش وكان الوزير المهلبي يستحسنه ويرى أنه من أهل الهوى لا من أهل مدد الوغى فعمل فيه
طفل يرق الماء في @@@ جنباته ويرف عوده
ويكاد من شبه العذارى @@@ فيه أن تبدو نهوده
ناطوا بمعقد خصره @@@ سيفا ومنطقة تؤوده
جعلوه قائد عسكر @@@ ضاع الرعيل ومن يقوده
وكان كذلك فإنه ما أنجح وكانت الكرة عليهم
ومن شعره النادر في الرقة قوله
تصارمت الأجفان لما صرمتني @@@ فما تلتقي إلا على عبرة تجري ( 352 )
11 - المتنبي شاعر العصر أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكوفي
في رمضان بين شيراز والعراق وله إحدى وخمسون سنة قال في العبر وليس في العالم أشعر منه أبدا وأما مثله فقليل وقال ابن الأهدل قدم الشام في صباه واشتغل في فنون الأدب ومهر فيها وتضلع من علم اللغة قال له أبو علي الفارسي صاحب الإيضاح والتكملة كم لنا من الجموع على وزن فعلى فقال له المتنبي سريعا حجلى وظربى قال الفارسي ففتشت كتب اللغة ثلاث ليال فلم أجد لهما ثالثا حجلى جمع حجل وهو الطائر المسمى بالقبج وظربى جمع ظربان كقطران وهي دابة منتنة الرائحة ومن الناس كثير يرجحون المتنبي على أبي تمام ومن بعده
ورزق سعادة في شعره واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه أكثر من أربعين شرحا مدح جماعة من الملوك ووصله ابن العميد بثلاثين ألفا وأتاه من عضد الدولة صاحب شيراز مثلها
وسمي المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من كلب وأخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الأخشيدية فأسره واستتابه وتفرق أصحابه وكان كافور الإخشيدي يقول لما هجاه من ادعى النبوة إما يدعى الملك
وكان العلماء يحضرون مجلس سيف الدولة ويتناظرون كل ليلة فوقع بين المتنبي وابن خالويه ليلة كلام فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح فشجه فخرج ودمه يسيل على وجهه فغضب وخرج إلى كافور فلما صدر منه قصد بلاد فارس بالمشرق ومدح عضد الدولة الديلمي فأجزل جائزته فلما رجع من عنده عرض له فاتك بن أبي جهل فقتل المتنبي وابنه محسد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية على ميلين من دير العاقول ثم رأى المتنبي الغلبة ففر فقال له الغلام لا يتحدث عنك بفرار وأنت القائل
الخيل والليل والبيداء تعرفني @@@ والطعن والضرب والقرطاس والقلم
فكر راجعا فقتل
ويحكى أن المعتضد صاحب قرطبة أنشد يوما بيت المتنبي
إذا ظفرت منك العيون بنظرة @@@ أبان لها معنى المطي ورازمه
وجعل يردده فأنشده ابن وهبون الأندلسي بديها
لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما @@@تجيد العطايا واللهى تفتح اللهى
تنبأ عجبا بالقريض ولو درى @@@ بأنك تروي شعره لتألها
وقال النامي الشاعر كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي وكنت أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما ما سبق إليهما أحد هما قوله
رماني الدهر بالأرزاء حتى @@@ فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام @@@ تكسرت النصال على النصال
والآخر قوله
في جحفل ستر العيون غباره @@@ فكأنما يبصرن بالآذان
وقال أبو الفتح بن جني النحوي قرأت ديوان أبي الطيب عليه فلما بلغت قوله في كافور القصيدة التي أولها
أغالب فيك والشوق أغلب @@@ وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب
حتى بلغت إلى قوله
ألا ليت شعري هل أقول قصيدة @@@ ولا أشتكي فيها ولا أتعتب
وبي ما يذود الشعر عني أقله @@@ ولكن قلبي يا ابنة القوم قلب
فقلت يعز علي أن يكون هذا الشعر في مدح غير سيف الدولة فقال حذرناه وأنذرناه فما نفع ألست القائل فيه
أخا الجود أعط الناس ما أنت مالك @@@ ولا تعطين الناس ما أنا قائل
فهو الذي أعطاني كافور بسوء تدبيره وقلة تمييزه مولد المتنبي بالكوفة في سنة ثلاث وثلثمائة في محلة تسمى كندة فنسب إليها وليس هو من كندة التي هي قبيلة بل هو جعفى القبيلة من مذحج وقتل يوم الأربعاء لست بقين أو ليلتين بقيتا وقيل يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان ( 354 )
12 - صاحب الأغاني أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني الكاتب الإخباري يروي عن مطين فمن بعده وكان أديبا نسابة علامة شاعرا كثير التصانيف ومن العجائب أنه مرواني يتشيع
توفي في ذي الحجة عن ثلاث وسبعين سنة قاله في العبر وقال ابن خلكان جده مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وهو أصفهاني الأصل بغدادي المنشأ كان من أعيان أدبائها وأفراد مصنفيها وروى عن عالم كثير من العلماء يطول تعدادهم وكان عالما بأيام الناس والأنساب والسير قال التنوخي ومن المتشيعين الذين شاهدناهم أبو الفرج الأصبهاني كان يحفظ الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والأدب والنسب لم أر قط من يحفظ مثله ويحفظ دون ذلك من علوم أخرى منها اللغة والنحو والحرف والسير والمغازي ومن آلة المنادمة شيئا كثيرا مثل علم الجوارح والبيطرة وشيء من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان ظرفاء الشعراء وله المصنفات المستملحة منها كتاب الأغاني الذي وقع الاتفاق على أنه لم يعمل في بابه مثله يقال أنه جمعه في خمسين سنة وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان فأعطاه ألف دينار واعتذر إليه وحكى عن الصاحب بن عباد أنه كان في أسفاره يستصحب حمل ثلاثين جملا من كتب الأدب ليطالعها فلما وصل إليه كتاب الأغاني لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه استغناء به عنها وكان منقطعا إلى الوزير المهلبي وله فيه مدائح منها قوله فيه وكان قد خلط قبل أن يموت رحمه الله تعالى ( 356 )
13 - أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني ابن عم ناصر الدولة وسيف الدولة ابني حمدان قال الثعالبي في وصفه كان فرد دهره وشمس عصره أدبا وفضلا وكرما ومجدا وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة وشعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة ومعه رواء الطبع وسمة الظرف وعزة الملك ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز وأبو فراس يعد أشهر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام وكان الصاحب بن عباد يقول بدئ الشعر بملك وختم بملك يعني امرأ القيس وأبا فراس وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترئ على مجاراته وإنما لم يمدحه ومدح من هو دونه من آل حمدان تهيبا له وإجلالا لا إغفالا وإخلالا وكان سيف الدولة يعجب جدا بمحاسن أبي فراس ويميزه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته ويستخلفه في أعماله وكانت الروم قد أسرته في بعض وقائعها وهو جريح قد أصابه سهم بقي نصله في فخذه ونقلته إلى خرشنة ثم منها إلى قسطنطينية وذلك في سنة ثمان وأربعين وفداه سيف الدولة ( 357 )
14 - ابن العميد الوزير العلامة أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد الكاتب وزير ركن الدولة الحسن بن بويه صاحب الري كان آية في الترسل والإنشاء فيلسوفا متهما برأي الحكماء حتى كان ينظر بالجاحظ وكان يقال بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد وكان الصاحب إسماعيل بن عباد تلميذه وخصيصه وصاحبه ولذلك قالوا الصاحب ثم صار لقبا عليه وكان الصاحب ابن عباد قد سافر إلى بغداد فلما رجع إليه قال كيف وجدتها قال بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد وكان ابن العميد سايسا مدبرا للملك قائما بضبطه وقصده جماعة من مشاهير الشعراء من البلاد الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح ( 360 )
15 - وكشاجم أحد فحول الشعراء واسمه محمود بن حسين كان من الشعراء المجيدين والفضلاء المبرزين حتى قيل أن لقبه هذا منحوت من عدة علوم كان يتقنها فالكاف للكتابة والشين من الشعر والألف من الإنشاء والجيم من الجدل والميم من المنطق وكان يضرب بملحه المثل فيقال ملح كشاجم ومن شعره قوله في أسود له تعد
يا مشبها في لونه فعله @@@ لم تعد ما أوجبت القسمه
فعلك من لونك مستنبط @@@ والظلم مشتق من الظلمه
وقال بعضهم في ترجمته هو أبو الحسين وأبو الفتح بن السندي الكاتب
المعروف بكشاجم هو من أهل الرملة من نواحي فلسطين وكان رئيسا في الكتابة ومقدما في الفصاحة والخطابة له تحقيق يتميز به عن نظرائه وتدقيق يربى به على أكفائه وتحديق في علوم التعليم أضرم في شعلة ذكائه فهو الشاعر المفلق والنجم المتألق لقب نفسه بكشاجم فسئل عن ذلك فقال الكاف من كاتب والشين من شاعر والألف من أديب والجيم من جواد والميم من منجم وكان من شعراء أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان والد سيف الدولة قيل أنه كان طباخ سيف الدولة شعره أنيق وأرج مدوناته فتيق منها كتاب المصائد والمطارد قال في تثقيف اللسان كشاجم لقب له جمعت أحرفه من صناعته ثم طلب علم الطب حتى مهر فيه وصار أكبر علمه فزيد في اسمه طاء من طبيب وقدمت فقيل طكشاجم ولكنه لم يشتهر ( 360 )



16 - أبو الحسن وأبو القاسم محمد بن هانئ حامل لواء الشعراء بالأندلس قيل أنه ولد يزيد بن حاتم وكان أبوه هانئ من قرية من قرى المهدية بإفريقية وكان شاعرا أديبا وانتقل إلى الأندلس فولد له محمد المذكور بها بمدينة إشبيلية ونشأ بها واشتغل وحصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر فبهر فيه وكان حافظا لأشعار العرب وأخبارهم واتصل بصاحب إشبيلية وحظي عنده وكان كثير الانهماك في الملاذ متهما بمذهب الفلاسفة ولما اشتهر عنه ذلك نقم عليه أهل إشبيلية وساءت المقالة في حق الملك بسببه واتهم بمذهبه أيضا فأشار الملك عليه بالغيبة عن البلد مدة ينسى فيها خبره فانفصل عنها وعمره يومئذ سبع وعشرون سنة فخرج إلى عدوة المغرب ولقي جوهر القائد ثم رحل إلى جعفر ويحيى ابني علي وكانا بالمسيلة وهي مدينة الزاب وكانا والييها فبالغا في إكرامه والإحسان إليه ونمى خبره إلى معز أبي تميم معد بن المنصور العبيدي وطلبه منهما فلما انتهى إليه بالغ في الإنعام عليه ( 362 )


17 - أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الجرجاني القاضي بجرجان ثم بالري ذكره الشيخ أبو إسحق في طبقاته فقال كان فقيها أديبا شاعرا وذكره الثعالبي في اليتيمة فقال حسنة جرجان وفرد الزمان ونادرة الملك وإنسان حدقه العلم ودرة تاج الأدب وفارس عسكر الشعر جمع خط ابن مقلة ونثر الجاحظ ونظم البحتري ومن شعره
يقولون لي فيك انقباض وإنما @@@ رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم @@@ ومن أكرمته عزة النفس إكرما
وما كل برق لاح لي يستفزني @@@ ولا كل من لاقيت أرضاه منعما
وإني إذا ما فاتني الأمر لم أبت @@@ أقلب كفي أثره متندما
ولم أقض حق العلم أن كان كلما @@@ بدا طمع صيرته لي سلما
إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى @@@ ولكن نفس الحر تحتمل الظما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي @@@ لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأشقي به غرسا وأجنيه ذلة @@@ إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه وصانهم @@@ ولو عظموه في النفوس تعظما
ولكن أذلوه فهان ودنسوا @@@ محياه بالأطماع حتى تجهما
وطاف المذكور في صباه الأقاليم ولقي العلماء وصنف كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه أبان فيه عن فضل كبير وعلم غزير ذكر الحاكم في تاريخ نيسابور أنه مات بها في سلخ صفر سنة ست وستين وثلثمائة وحمل تابوته إلى جرجان ودفن بها قاله الأسنوي في طبقاته ومن شعره أيضا
ما تطعمت لذة العيش حتى @@@ صرت للبيت والكتاب جليسا
ليس شيء أعز عندي من العلم @@@ فلا تبتغي سواه أنيسا
إنما الذل في مخالطة الناس @@@ فدعهم وعش عزيزا رئيسا ( 366 )


18 - أبو الطاهر الوزير نصير الدولة محمد بن محمد بن بقية بن علي أحد الروساء والأجواد تنقلت به الأحوال ووزر لمعز الدولة بختيار وقد كان أبوه فلا حاثم عزل وسمل ولما تملك عضد الدولة قتله وصلبه في شوال ورثاه محمد بن عمر الأنباري بقوله
علو في الحياة وفي الممات @@@ لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا @@@ وفود نداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيبا @@@ وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفاءا @@@ كمدكها إليهم بالهبات
فلما ضاق بطن الأرض عن أن @@@ يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا @@@ عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى @@@ بحفّاظ وحرّاس ثقات
وتشعل عندك النيران ليلا @@@ كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطية من قبل زيد @@@ علاها في السنين الماضيات
وتلك فضيلة فيها تأس @@@ تباعد عنك تعيير العداة
فلم أر قبل جذعك قط جذعا @@@ تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت @@@ فأنت قتيل ثأر النائبات ( 367 )


19 - أبو يحيى بن نباتة خطيب الخطباء عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل ابن نباتة الفارقي اللخمي العسقلاني المولد المصري الدار ولي خطابة حلب لسيف الدولة وفي خطبه دلالة على قوة علمه وسعته وقوة قريحته وأجمعوا على أنه ما عمل مثل خطبه قط وهو الذي حث سيف الدولة بخطبه في الجهاد على التوسع فيه وسمع على المتنبي بعض ديوانه وكان رجلا صالحا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في المقابر وقال له مرحبا بخطيب الخطباء وأدناه وتفل في فيه فلم تزل رائحة المسك توجد فيه إلى أن مات وأشار صلى الله عليه وسلم بيده إلى المقابر وقال كيف قلت يا خطيب قال قلت لا يخبرون بما إليه آلوا ولو قدروا على المقال لقالوا ثم أخذ يسوقها فاستيقظ وعلى وجهه نور وبهجة وعاش بعد ذلك ثمانيا وعشرين ليلة لا يستطعم طعاما ولا شرابا من أجل تلك التفلة وبركتها والخطبة التي فيها هذه الكلمات تعرف بالمنامية ومولده وموته بميافارقين قيل ومات وعمره دون الأربعين ورؤي بعد موته في المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال دفع إلي رقعة فيها سطران بالأحمر وهما
قد كان أمن لك من قبل ذا @@@ واليوم أضحى لك أمنان
والصفح لا يحسن عن محسن @@@ وإنما يحسن عن جان
فاستيقظ الرائي وهو يحفظهما ( 374 )


20 - أبو بكر الزبيدي بضم الزاي وفتح الموحدة وبدال مهملة بعد الياء نسبة إلى زبيد واسمه منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج محمد بن الحسن ابن عبيد الله بن مذحج بضم الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة وبعدها جيم اسم أكمة حمراء باليمن ولد ولا عليها أد فسمي باسمها كان صاحب الترجمة شيخ الأندلس بل وغيرها في العربية قال ابن خلكان هو نزيل قرطبة وكان واحد عصره في علم النحو وحفظ اللغة وكان أخبر أهل زمانه بالإعراب والمعاني والنوادر أي علم السير والأخبار ولم يكن بالأندلس في فنه مثله في زمانه وله كتب تدل على وفور علمه منها مختصر كتاب العين وكتاب طبقات النحويين واللغويين بالمشرق والأندلس من زمن أبي الأسود الدؤلي إلى زمن شيخه أبي عبد الله النحوي الرياحي وله كتاب هتك ستور الملحدين وكتاب
لحن العامة وكتاب الواضح في العربية وهو مفيد جدا وكتاب الأبنية في النحو ليس لأحد مثله واختاره الحكم المستنصر بالله صاحب الأندلس لتأديب ولده ولي عهده هشام المؤيد بالله فكان الذي علمه الحساب والعربية ونفعه نفعا كثيرا ونال أبو بكر الزبيدي به دنيا عريضة وتولى قضاء إشبيلية وخطة الشرطة وحصل له نعمة ضخمة لبسها بنوه من بعده زمانا وكان الزبيدي شاعرا كثير الشعر فمن ذلك قوله في أبي مسلم بن فهر
أبا مسلم إن الفتى بجنانه @@@ ومقوله لا بالمراكب واللبس
وليس ثياب المرء تغنى قلامة @@@ إذا كان مقصورا على قصر النفس
وليس يفيد العلم والحلم والحجا @@@أبا مسلم طول القعود على الكرسي ( 379 )


21 - أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر المشهور ويقال له الطبرخي لأن أباه كان من خوارزم وأمه من طبرستان فركب له من الاسمين نسبة وهو ابن أخت أبي جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ وأبو بكر المذكور أحد الشعراء المجيدين الكبار المشاهير كان إماما في اللغة والأنساب أقام بالشام مدة وسكن بنواحي حلب وكان مشارا إليه في عصره ( 383 )


22 - القاضي التنوخي أبو علي المحسن بن علي بن محمد بن داود بن إبراهيم ابن تميم الأديب الأخباري صاحب التصانيف ولد بالبصرة وسمع بها من أبي العباس الأثرم وطائفة وببغداد من الصولي وغيره وعاش سبعا وخمسين سنة
ومن شعره في بعض المشايخ وقد خرج ليستسقي وكان في السماء سحاب فلما دعا أصحت السماء فقال التنوخي
خرجنا لنستسقي بفضل دعائه @@@ وقد كان هدب الفيم أن يبلغ الأرضا
فلما ابتدا يدعو تقشعت السما @@@ فما تم إلا والغمام قد انفضا
ومن المنسوب إليه أيضا
قل للمليحة في الخمار المذهب @@@ أفسدت نسك أخي التقي المترهب
نور الخمار ونور خدك تحته @@@ عجبا لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن @@@ للحسن عن ذهبيهما من مذهب
فإذا أتت عيني لتسرق نظرة @@@ قال الشعاع لها اذهبي لا تذهبي ( 384 )


23 - ابن حجاج الأديب أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر ابن الحجاج البغدادي الشيعي المحتسب الشاعر المشهور ذو المجون والخلاعة والسخف في شعره كان فرد زمانه في فنه فإنه لم يسبق إلى تلك الطريقة مع عذوبة ألفاظه وسلامة شعره من التكلف ويقال أنه في الشعر في درجة امرئ القيس وأنه لم يكن بينهما مثلهما لأن كل واحد منهما مخترع طريقة وله ديوان كبير يبلغ عشر مجلدات الغالب عليه الهزل والمجون والهجو والرفث وكان شيعيا غاليا
وتوفي يوم الثلاثاء سابع عشرى جمادى الآخرة بالنيل وحمل إلى بغداد ودفن عنه مشهد موسى بن جعفر رضي الله عنه وكان أوصى أن يدفن عند رجليه ويكتب على قبره وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ورآه بعد موته بعض أصحابه في المنام فسأله عن حاله فأنشد
أفسد سوء مذهبي @@@ في الشعر حسن مذهبي
لم يرض مولاي على @@@ سبي لأصحاب النبي
والنيل التي مات بها على وزن نهر مصر بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة خرج منها جماعة من العلماء والأصل فيه نهر حفره الحجاج بن يوسف في هذا المكان آخذ من الفرات وسماه باسم نيل مصر وعليه قرى كثيرة ( 391 )


24 - وكيع الشاعر المتقدم في زمانه على أقرانه ومن شعره
لقد قنعت همتي بالخمول @@@ فصدت عن الرتب العالية
وما جهلت طعم طيب العلا @@@ ولكنها تؤثر العافية
ونظم أبو الفتح االقضاعي المدرس بتربة الشافعي بالقرافة في هذا المعنى فقال
بقدر الصعود يكون الهبوط @@@ فإياك والرتب العالية
وكن بمكان إذا ما سقطت @@@ تقوم ورجلاك في عافية
لكن المتنبي أخذ بعلو همته في نقض ما قالوا فقال
إذا غامرت في شرف مروم @@@ فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير @@@كطعم الموت في أمر عظيم ( 393 )


25 - توفي البديع الهمذاني أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الحافظ المعروف ببديع الزمان صاحب المقامات المشهورة والرسائل الرائقة كان فصيحا مفوها وشاعرا مفلقا روى عن أبي الحسين أحمد بن فارس صاحب المجمل وعن غيره ومن رسائله المال إذا طال مكثه ظهر خبثه وإذا سكن متنه تحرك نتنه وكذلك الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه ويثقل ظله إذا انتهى محله والسلام ومن رسائله حضرته التى هى كعبة المحتاج لا كعبة الحجاج ومشعر الكرم لا مشعر الحرم ومني الضيف لا مني الخيف وقبلة الصلات لا قبلة الصلاة ومن شعره من جملة قصيدة طويلة
وكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا @@@ لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا
والدهر لو لم يخفف والشمس لو نطقت @@@ والليث لو لم يصد والبحر لو عذبا
وله كل معنى حسن من نظم ونثر وكانت وفاته بمدينة هراة مسموما وقال الحاكم أبو سعيد عبد الرحمن بن دوست جامع رسائل البديع توفي البديع رحمه الله تعالى يوم الجمعة حادي عشر جمادى الآخرة قال الحاكم المذكور وسمعت الثقات يحكون أنه مات من السكتة وعجل دفنه فأفاق في قبره وسمع صوته بالليل وأنه نبش عنه فوجدوه قد قبض على لحيته ومات من هول القبر .
والحريري به اقتدى في مقاماته وإياه عني بإنشاده
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة @@@ بسعدى شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا @@@ بكاها فقلت الفضل للمتقدم ( 398 )


26 - الببغاء الشاعر المشهور أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي النصيبيني مدح سيف الدولة والكبار ولقبوه بالببغاء لفصاحته وقيل للثغة في لسانه ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر وقال هو من أهل نصيبين وبالغ في الثناء عليه وذكر جملة من رسائله ونظمه ومن شعره
يا سادتي هذه روحي تودعكم @@@ إذ كان لا الصبر يسليها ولا الجزع
قد كنت أطمع في روحي الحياة لها @@@ والآن إذ بنتم لم يبق لي طمع
لا عذب الله روحي بالبقاء فما @@@ أظنها بعدكم بالعيش تنتفع
وله أيضا
ومهفهف لما اكتست وجناته @@@ خلع الملاحة طرزت بعذاره
لما انتصرت على أليم جفائه @@@ بالقلب كان القلب من أنصاره
كملت محاسن وجهه فكأنما اقتبس @@@ الهلال النور من أنواره
وإذا ألح القلب في هجرانه @@@ قال الهوى لا بد منه فداره
وله وهو معنى بديع
وكأنما نقشت حوافر خيله @@@ للناظرين أهلة في الجلمد
وكأن طرف الشمس مطروف وقد @@@ جعل الغبار له مكان الأثمد
وأكثر شعر الببغاء جيد ومقاصده فيه جميلة وكان قد خدم سيف الدولة ابن حمدان مدة وبعد وفاته تنقل في البلاد وتوفي يوم السبت سلخ شعبان وقال الخطيب في تاريخه توفي ليلة السبت سابع عشرى شعبان وقال الثعالبي سمعت الأمير أبا الفضل الميكالي يقول عند صدوره من الحج وحصوله ببغداد سنة تسعين وثلثمائة رأيت بها أبا الفرج الببغاء شيخا عالي السن متطاول الأمد قد أخذت الأيام من جسمه وقوته ولم تأخذ من ظرفه وأدبه ( 398 )
27 - وفيها وقيل في التي بعدها أبو الفتح البستي الشاعر المفلق علي بن محمد الكاتب شاعر وقته وأديب ناحيته صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس الأنيس البديع التأسيس فمن ألفاظه البديعة قوله من أصلح فاسده أرغم حاسده من أطاع غضبه أضاع أدبه عادات السادات سادات العادات من سعادة جدك وقوفك عند حدك الرشوة رشاء الحاجات أجمل الناس من كان للأخوان مولى الفهم شجاع العقل المنية تضحك الأمنية حد العفاف الرضا بالكفاف ( 400 )


 
 توقيع : الصاعقه



رد مع اقتباس